الأحد، 1 يونيو 2008

المحاورة الرابعة: التفسيرية والنسبية الأخلاقية

معلم أ:

من السهل علي تصور اختلاف مجموعات مختلفة من الناس في تفسير أمر معين، لكن مجرد قبول ذلك قد يقود إلى إشكاليات فكرية كبيرة إذا لم تكن متنبهاً. فمن الصعب – على سبيل المثال- أن تقنع أحدهم أنك على صواب في قضية معينة، لأنه من الممكن أن يأتيك الجواب بكل بساطة بأن ذلك "هو مجرد تفسيرك الشخصي للأمر". فماذا سيحصل إذن لنظامنا الأخلاقي إذا كان الأمر كله هو مجرد تفسيرات ورؤى شخصية للأمور؟ إذا كانت معاييري ومرجعيتي الأخلاقية هي مجرد تفسيراتي ورؤاي الشخصية للصواب والخطأ، فكيف أستطيع تبريرها وإقناع الآخرين بها؟ فمعنى ذلك أن أي شيء أعمله بناء على رؤيتي له صواباً، من الممكن أن يعتبر خطأ بالنظر إلى تفسير شخص آخر للموقف أو الفعل.

معلم ب:

لا أظنه من المفترض أن يدفع موقف النظرية التفسيرية التأويلية أحدهم ليكون نسبياً لهذه الدرجة. فمجرد كون رؤيتي لأمر ما هو تفسيري الشخصي له لا يعني ذلك عدم إمكانية الدفاع عن هذه الرؤية وتبريرها عند مقارنتها برؤى وتفسيرات الآخرين. فبعض التفسيرات أفضل من البعض الآخر، وتوفير الأدلة والحجج اللازمة التي توضح ما وراء هذه التفسيرات قد يكون كافياً للتأثير على الآخرين.

معلم أ:

ولكنه لا يوجد أي سبب منطقي ليغير الآخرون تفسيراتهم ويقتنعوا بتفسيراتك. ففي تلك الحالة عندما يكون لأحدنا رأي حول بعض القضايا التي تهمه، فمن المفترض أن تكون تصرفاته مبنية على رأيه ورؤيته بغض النظر عن آراء ورؤى الآخرين. أظن الأمر كذلك حتى من الناحية الأخلاقية، لنفترض أنك زرت أحد المجتمعات، حيث من عاداتهم تقديم أطفالهم كقرابين يذبحونها في مناسبات دينية، ويعتقدون أكيداً أن ذلك صواب، فمن أين لك الحق لتصادر عليهم رأيهم وتخبرهم بأن ذلك خطأ أو خطيئة؟

معلم ب:

لديك كل الحق. الشخص الذي يتبنى النظرية التفسيرية التأويلية، ليس مطلوباً منه التغاضي عن أفعال "أو جرائم" الآخرين، هو مطالب بأن يتفهم أفعالهم من خلال وجهة نظرهم هم، ليس فقط من خلال وجهة نظره هو كمشاهد وشاهد. فمن خلال هذا الفهم، قد ينظر إلى هذه المجتمعات ليس بكونها مجموعة من الأفراد المتوحشين المتعطشين للدماء، ولكن كمجموعات مفكرة ومتدينة. بل إنه قد يكتشف أن تقدير الطفولة والأطفال في هذه المجتمعات أكثر بكثير من مجتمعاتنا "الإنسانية" الحديثة التي تسمح لمعاناة ملايين الأطفال مع المجاعات والأمراض. مع فهمنا الجيد لوجهة نظرهذه المجتمعات حول ما يقومون به، نكون في الواقع أقدر على شرح وجهة نظرنا حول ما يقومون به، ومن ثم إقناعهم بوجاهة وقابلية ما نحمله من رؤى وقيم لمجتمهم. في الخلاصة ، يحق لنا أن ننتقد تصورات الآخرين ورؤاهم، ولكن المهم هنا هو ألا نقوم بذلك إلا بعد فهمنا الجيد لهذه الرؤى والتصورات من خلال وجهة نظر أصحابها.

معلم أ:

حسنا، إذا كان ذلك هو غاية ما تستطيع القيام به، إذاً فليس له داعٍ بالمرة. فهل لك أن تتخيل كم سيقتل من الأطفال في ذلك المجتمع بينما أنت منشغل بفهم تفسيراتهم لهذا العمل وعرض تفسيرك له عليهم؟! لماذا لا تبرر لك نظريتك التفسيرية أن تقوم بفعل أو عمل ما تجاه هذه القضايا بدلاً من مجرد الحديث حولها؟


 

للنقاش:

  1. هل تعتقد بنسبية الأخلاق للمجتمعات؟
  2. هل من الممكن لمن يتبنى النظرية التفسيرية أن يكون له موقف أخلاقي محدد؟
  3. ما هو تصورك حول الصواب والخطأ؟
  4. كمعلم يتبنى النظرية التفسيرية بما تتضمنه من نسبية، ماهي التصرفات الطلابية التي تعتقد أنها أخلاقياً غير مقبولة؟ وعلى أي أساس تعتبرها كذلك؟

ليست هناك تعليقات: