الأحد، 1 يونيو 2008

المحاورة الأولى: التقرير الوطني حول التعليم

محاورات في أصول التربية

المحاورة الأولى: التقرير الوطني حول التعليم

معلم أ: عرض التقرير الأخير للجنة الوطنية العليا لتقويم التعليم في المملكة في وضوح تخلف النظام التعليمي في المملكة في تخريج وإعداد ما يكفي من مهندسين وأطباء ومتخصصين في العلوم الطبيعية، مقارنة بالدول المتقدمة. وهذا يعني أن قدرتنا على الاختراع، وإنتاج البحث العلمي، وتوفير البنية البشرية الوطنية اللازمة للتحول للمجتمع الصناعي ستكون في تراجع مستمر، وهذا يؤدي بالضرورة إلى تخلفنا في المجتمع العولمي المعاصر، إلا إذا قام النظام التعليمي بعمل شيئ بهذا الخصوص.

معلم ب: ولكن النظام التعليمي نفسه في وضعه الحالي يعتبر حقيقة جزءا من المشكلة، المدارس تنقصها الكثير من التجهيزات الأساسية، كما أن ترك حرية الاختيار للطلبة في اختيار التخصص بين العلمي والأدبي، أو في اختيار المواد كما في النظام الجديد، يعتبر كذلك جزءا من المشكلة حيث إن كثيرا منهم ينحازون نحو التخصصات الأدبية، والمواد السهلة. أظن أننا في حاجة إلى معايير جديدة خصوصا في التعليم الثانوي، حيث يجب على الطلبة جميعا دراسة الرياضيات والعلوم البحتة في جميع سنوات الدراسة، نحن مقبلون على اقتصاد جديد له متطلبات خاصة، ومن الضروري أن ترجع للشهادة الثانوية دورها في إعداد الطلبة للمرحلة القادمة.

معلم ج: ولكن ماذا عن الطلبة الذين ليست لهم ميول علمية؟ هل عليهم أن يعانوا مع هذه المعايير المقترحة، مثلهم مثل غيرهم؟ هذا مع أن بعضهم قد لا تكون له الرغبة في دراسة الهندسة أو الطب مستقبلا، وليست هذه التخصصات من رغباتهم؟ هذا المقترح غير عادل حقيقة!

معلم أ: مع احترامي لما قلتما، إلا أني أرى أن محور نقاشكم غير صحيح. أظن أن تحقيق هدف تخريج عدد كاف من المهندسين والعلماء في العلوم الطبيعية، يستوجب توفير حوافز، إضافة إلى تطوير عدد من المقاييس والاختبارات الموضوعية التي تساعد على اكتشاف وتمييز الطلبة الموهوبين من غيرهم. أظن أنه ليس من الصحيح أن نطلب من جميع الطلبة أن يدرس مقررات متقدمة في العلوم والرياضيات، ولكن لنتعرف على الطلبة المتميزين في هذه المجالات، ونوفر لهم جميع الحوافز والمشجعات اللازمة، وبهذا نحل المشكلة.

معلم ج: لكن هل من الصحيح أن نستخدم المدارس- وهي من المفترض ملك عام للمجتمع- لخدمة مصلحة اقتصادية حكومية، أو حتى لخدمة رغبات القطاع الخاص في توفير القوى العاملة التي يرغبها؟ هل انحصرت وظيفة المدرسة في ذلك؟

معلم أ: ولم لا؟ هذا هو وضع المدارس، هي أداة من أدوات الدولة، لتخدم أهدافها وسياساتها، سواء كان الهدف إنتاج مواطن صالح أو مهندس بارع، ليس هناك فرق. أفضل وظيفة للمدرسة هي خدمة وتوفير حاجات المجتمع.

معلم ج: ولكن ماذا سيحدث عندما تتغير تصوراتنا عن حاجات المجتمع كل بضع سنوات؟! هل ستتغير المدارس بين ليلة وضحاها؟ ثم ماذا عن حاجات الفرد؟ أليس من المطلوب أن تؤخذ في الاعتبار في هذا السياق!

معلم ب: ما هو جيد للمجتمع ويلبي حاجاته، هو جيد للفرد كذلك.

معلم ج: هل تظن ذلك صحيحاً دائماً؟


 

للنقاش:

  1. هل تظن ذلك صحيحا دائما؟
  2. هل النظام التعليمي بمدارسه وجامعاته مجرد "أعضاء" تؤدي وظائفها في الجسد الاجتماعي؟

هل تراعي النظرية الوظيفية حاجات الفرد؟

هناك 7 تعليقات:

h h يقول...

من منظورٍ خاص إن تشكيل حقول معرفية مبكرة في التعليم يساعد على تقديم تعليم نوعي لكل فئة يتم الاختيار فيه عن طريق التوجيه والإرشاد ويأخذ في الاعتبار الإمكانات والاستعدادات الفردية قبل الميول .

ahmad almarhabi يقول...

إذا أردنا أن نخرج من الدوران في ذات الحلقة المفرغة نقول أن كل قطاع علمي هو المسؤول الأول عن صناعة معجزة التقدم والنهوض العلمي . يجب أن يشارك في صياغة النظام التعليمي الجيد والفعال والمنتج المسؤول وصانع القرار السياسي والمفكر المتأمل والمثقف الذي يؤرقه الشأن العام ويحمل تصورا من حجم أشكال التخلف , وكذلك الاقتصادي الذي يقيس معنى البحث والتطوير بالقدرة على تدوير العائد نقدا ..

Unknown يقول...

من خلال الحوار نجد أن المعلم أ فلسفياً براجماتي حيث ينظر إلى النفع والمصلحة المستقبلية بدعوته التوجه إلى العلوم الطبيعة مقارنة بالدول المتقدمة , واجتماعياً وظيفي حيث أن حواره سليم البناء وواضح ومعبر عن الحقائق التي اكتشفهاويذهب إلى أن المجتمع هو الذي يقود التغيير ويتحكم به , أما المعلم ب فلسفياً مثالي حيث يرى أنه لا بد أن يدرس جميع الطلاب الرياضيات والعلوم البحتة, أما المعلم ج فلسفياً وجودي حيث يهتم بالفرد وميوله ورغباته وحاجاته فلابد أن تترك له الحرية باختيار التخصص الذي يريده , واجتماعياً مزيج بين التفسيرية التأويلية والصراعية حيث اعتمد على صنع الحقائق من كلام الناس وعنده المجتمع والتربية هما اللذان يقودان التغيير . وأنا أرى أنه يجب أن تترك الحرية للطالب لإختيار التخصص الذي يريده مع التوجيه للنظرة المستقبلية والتوجه العالمي , وأرى أن وظيفة المدرسة خدمة وتعليم كل أفراد المجتمع ومن يكن لديه التميز سوف يظهر في المراحل المتقدمة , وهذا ما تميل إليه المدرسة البراجماتية حيث ترى أن وظيفة المدرسة إعادة تشكيل الخبرات الاجتماعية وتقدم لهم كيفية القيام بوظائفهم في الحياة والمجتمع .

مجرد رأي يقول...

الخلاف هنا حول المدرسة ، هل هي من يعد الفرد لسوق العمل ؟ أم دورها يقتصر على تزويد الأفراد بالمعارف و العلوم وعليه هو شق طريقة داخل المجتمع .
اعتقد أن دور المدرسة اكبر من التزويد بالمعارف و العلوم بل يجب أن تعد شخص قادر على التفاعل مع الآخرين واثق من نفسه عارف لإمكانياته قادر على تحديد رغباته . كذلك لا يجب أن تخرج عن المبادئ و القيم التي يحددها المجتمع . فالمدرسة إذا تجاهلت رغبات المجتمع فأنها ستخرج أجيال لا تساعد على بقاء و استمرارية هذا المجتمع ، كما أن الفرد يطالب المجتمع بأمور عدة مثل الأمان و العيش الكريم ، فالمجتمع يطلب من الفرد القيام بدور فاعل في بناءه .

عيسى يقول...

معلم أ هذا القول اقرب إلى الفلسفة الواقعية والمدرسة الوظيفية منه إلى غيره من الفلسفات والمدارس الأخرى وذلك لان علوم الأحياء والفيزياء والرياضيات تشكل حجر الزاوية في الفلسفة الواقعية والمدرسة الوظيفية التي ترى أن المجتمع هو الذي يحكم حركة التغيير وان أجزاء المجتمع وأطرافه تعمل سويا وبصورة متناسقة كما تعمل أعضاء الجسم البشري لما فيه نفع المجتمع بمجمله. معلم ب هذا القول يميل إلى الفلسفة المثالية لأنه يلزم الطلبة بدراسة الرياضيات والعلوم البحتة في جميع سنوات الدراسة وبالتالي لا يتم هنا تشجيع الحرية والاستقلال الكاملين وبالتالي تكون الغاية من الشهادة الثانوية هي إعداد الطلبة غير المتعلمين للتوافق مع حاجات المجتمع حتى يكونوا عند تخرجهم مؤهلين للإسهام في التكيف مع الحياة الاقتصادية ويعتبر هذا الرأي مزيجا بين المدرسة الوظيفية والصراعية فالهدف الأساسي تلبية حاجات المجتمع من جهة ومن جهة أخرى يكون هناك اختلاف وتعارض بين مصالح الأفراد والجماعات على السواء. معلم ج يكاد أن ينسجم هذا القول مع الفلسفة الوجودية التي ترى أن المدرسة مؤسسة لتقديم الخبرات التي تلبي حاجات الفرد وقريب من المدرسة الصراعية لأنه سيكون هناك تعارض بين حاجات المجتمع وحاجات الأفراد أي أن التربية والمجتمع يقودان التغيير.

Unknown يقول...

من وجهة نظري أرى أن المعلم ( أ ) فلسفياً ( براجماتي ) ويظهر ذلك من نظرته النفعية للمدرسة واجتماعياً ( وظيفي ) وهذا يتضح فيما قاله عن وظيفة المدرسة ، أما المعلم ( ب ) فأجده ( مثالي ) مع ما قدمه من دعوة لدراسة الرياضيات والعلوم البحتة إلا أنه مثالي لتقييد حرية اختيار التخصص الذي تحدث عنها ، واجتماعياً 0 وظيفي ) ويظهر ذلك في قوله " ما هو جيد للمجتمع ويلبي حاجاته هو جيد للفرد كذلك " أما المعلم ( ج ) فيغلب عليه فلسفياً أنه ( وجودي ) في أنه يراعي ميول الفرد ورغباته ، واجتماعياً فهو أقرب إلى ( الرمزية ) وذلك لأنه ينادي بأخذ حاجات الفرد في عين الاعتبار ، أما رأيي فيختلف مع ما قاله المعلم ( ب ) عن تحديد مسار التخصص للطلبة لأن ذلك قد يزيد المشكلة بدلاً من أن يحلها والطالب إذا لم تكن لديه رغبة حقيقية قد يترك الدراسة وكذلك حاجة مجتمعنا المسلم إلى علماء الدين وعلماء اللغة وغيرها من التخصصات لا يدفعنا لذلك .

مسفر السليمي يقول...

أرى أن أفكار المعلم أ أقرب إلى الصواب إذ من واجب النظام التعليمي تقديم خدمة التعليم العام للجميع والكشف من خلاله عن القدرات والمواهب المتميزة التي يمكن الإعتماد عليها مستقبلاً في حل الكثير من المشكلات وتقديم ماهو نافع ومفيد للمجتمع , لا ضير أن هذه الفلسفة (البرجماتية) التي تدين بالمنفعة وحل المشكلات وحاجات المجتمع وإن ظهرت بهذا المصطلح على أيدي علماء غير مسلمين أمثال وليم جمس و جون ديوي إلا أننا نجد جذورها في الاسلام قبل أربعة عشر قرناً في قول الرسول صلى الله عليه وسلم " أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس " وهو دليل قاطع على ضرورة البحث عن كل ماهو نافع ومفيد لحاجات المجتمع في شتى المجالات والاستفادة من الفلسفات التربوية النافعة التي تسهم في تطوير وعمارة الارض التي استخلف الله البشر فيها , وعدم التقوقع والانغلاق أمام الحضارات القديمة اوالحديثة -التي لها كبير الفضل فيما نراه اليوم - بحجتة أنها حضارات غربية أو غير إسلامية .